![]() |
أ/حسن سليمان |
يبدوا لي ان الثورات العربية بدأت تتراجع معنوياً ونفسياَ وتحس بخيبة الاْمل .. وهي الاّن تعيش مرحلة فقدان التوازن وإن شئت قل فقدان الوعي.. وذلك لاْن الشعوب العربية الثائرة التي أجبرت بعض حكامها على التنحي والرحيل ما زالت تثور وتثور على كل شئ حتى أخذت تثور على نفسها .. إذ لم تقدّم ولو بصيص من الاْمل بعد رحيل الحكام وإسقاط النظام أي شئ على أرض الواقع يذكر
أمّا الثوار الذين مازالوا يجادلون من أجل الحكام .. فقد خاضوا هم ومؤيدوا الحاكم على حد سواء بحر من الدم الوطني البرئ حتى كادوا يغرقوا جميعاً الاْمر الذي يجعل كل من استبشروا بالتغيير يعيدون النظر بهذه الثورات المتعجرفة التي لم تحقق حتى الاّن سوى الغوغائية والفوضى والشلل العام في أوطانهم على مختلف الاْصعدة الإقتصادية والسياسية والإجتماعية... والذي أخشاه أن يتمنى الإنسان العادي البسيط فضلاً عن غيره عودة تلك الاْنظمة التي كانت توفر له الحد الاْدنى من الاْمن والاْمان والعمل وإن كان مضني الذي يوفر له ولاْسرته لقمة العيش ولو حافاً ولو بقليل من الاْمن
نحن اليوم وعلى الرغم من اننا أكثر المجتمعات مناداة بسواسية الناس وأكثر الناس مناداة بالعدل ..والصدق مع الناس إلاّ أننا في الواقع نمثل التجسيد الواقعي المضاد لكل هذه النداءاّت والإدعاءاّت الفارغة إلاّ من الضجيج والصخب ورخيص الكلام
وللاْسف الشديد بدأت مرحلة الإنحطاط والتخبط في كل مضامين الحياة وحلّت الشعارات المذوقة الصاخبة والتجييش الكاذب للشارع العربي -إلاّ ما شاء الله وذلك باستخدام قضايا الاْمة وشعار الكرامة العربية والحق المغتصب .. وغير ذلك رسائل مخدرة للوعي والفهم الصحيح
وصارت الحياة في الجغرافيا العربية من الماء إلى الماء تقتات الاناشيد والشعارات الجوفاء و الخطب الثورية الحماسية المستهلكة المخدرة لتعيش الشعوب في حلم كاذب -نعم حلم وصحت عليه وثورة وصدقناها -ففوضى الشوارع لا تبني تنمية ولا تصلح فساداً ولا تقيم معوّجاً بل تزيد من الطين بلّة
اشتعلت فتائل الفتن وسالت دماء كثيرة وزهقت أرواج وعمّت الفوضى وشلّت حركة الإدارة والإنتاج وارتفعت درجة التوّحش بين أبناء القطر الواحد والمدينة الواحدة وانقسم الناس بين موالين ومعادين وبين بين وأصبح الكل -إلاّ من رحم الله- مشغولاَ ليس بالبناء والتعمير والتطوير.. وإنما بالتخوين والتدمير
أهدرت الدماء.. أطلقت الحناجر..! فتحت الاْوراق..! أعدمت الوثائق..! حرّقت المراكزالاْمنية.. , وانتشر البلطجيّة والشدليّة....
ولا تزال الصراعات باقبة
معارضين متشبثون بالصراخ والنواح .. ودعوى الفداء والنوم بالميادين بين مؤيدين ومعارضين ..صور من صور الركض على الجمر.. ولا تزال الصورة تتكرر ..تعود الصبح لتجد الاْمر على ما تركته بالليل !! ثارة ثورة الثوار واختنقت بحبل مشنقتها الشعوب ..تلك التي تتوهم الربيع وهو خريف أو زمهرير والنسيم وهو دخان والمطر وهو غسلين والقادم وهو طجهول
طالّما ان هناك من يتشبث .. ويتعنّد.. ويصر ..أصبح الشعب التونسي ثورة ولشعبنا ثورة وللسوري ثورة ..حتى تحولت الثورات إلى شغل الناس الشاغل لاْصحابها فهم يأكلون ثورة ويشربون وهم في ثورة وينامون ويصحون على ثورة وليس لهم من هّم إلاّ الخروج للميتدين والشوارع.. منددين بكل شئ .. غير اّبهين بما خلذفته ثوراتهم من طواغيت جدد ودكتاتوريون جدد يقال لهم (شباب الثورة
اختلطت المقاصد ولم تبلغ الاْهداف وبلغت القلوب الحناجر ..
لقد أسمّعت إذ ناديت حيّاَ.. ولكن لا حياة لمن تنادي ..وجمر لو نفخت بها أضاءت .. ولكن أنت تنفخ في رماد
فلو أن الحجة تقرع بالحجة وان الاْمانة الوطنية والصدق والاخلاص .ز هي الفصل في أحاديث الناس لّما استمر هؤلاء وأضرابهم بمثل هذا الإنفلات الاْمني والخلقي.. بهذه المجانية والعبثية والجرأة-بالباطل- والتهور والإستغراق بمتاهات الغضب واستمرار المظتهرات والاعتصامات وثورة(الهلاك) وصدق الله ( وإن تطع أكثر من في الاْرض يضلوك عن سبيل الله) وإلى اللقاء (بعيداَ) عن ميدان التحرير
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق